عزازيل: لعنة الظلام
في قرية صغيرة معزولة بين جبال شاهقة وغابات مظلمة، تجلس بقايا منزل مهجور يتوسل للنسيان. هناك، حيث تتلألأ أنقاضه تحت أشعة القمر الباهتة، يعيشت ذكريات مرعبة تتلاعب بأفكار القاطنين في القرية. لم يكن أحد يجرؤ على الاقتراب من تلك المكان الملعون، إلا أولئك الجريئون الذين يبحثون عن المغامرة أو يستبقون المصير.
بالقرب من المنزل المهجور، تقف طاولة خشبية قديمة، تبدو كأنها تراقب كل شيء من حولها بعيون مظلمة. يقول السكان المحليون إنها طاولة قديمة للجن، حيث كانت تستخدم لتجلب الأرواح الشريرة إلى عالم البشر. تروى الأساطير أن كل من يمسك بيدها يخوض في رحلة مرعبة إلى عمق الظلام.
في ليلة مظلمة، وتحت غطاء سماء ملبد بالغيوم السوداء، جمعت مجموعة من الشباب الشجعان في القرية حول الطاولة الملعونة. بينما كانوا يتحدثون بشجاعة مغرورة عن أفعالهم ومغامراتهم، قرر أحدهم وضع تحديًا لبقية الحضور: لمس طاولة الجن وتحدي مصيرهم.
بمجرد أن وضع الشاب يده على الطاولة، تحول الجو فجأة إلى برودة قاتمة، وتعلو أصوات الرياح الشديدة. بدأت الطاولة تهتز بعنف، كما لو كانت تعبر عن سخط غاضب. لكن الشباب، مغرورين بشجاعتهم، لم يتراجعوا. بل ظلوا يصرخون بتحدي ويطلبون من الأرواح المظلومة الظهور.
فجأة، في لمحة، تغطت الغيوم السوداء السماء بالكامل، وانطفأت الأنوار في القرية، تاركة الظلام يتسلل في كل مكان. وفي ذلك الظلام المُخيف، بدأت أصوات غريبة تتردد في الهواء، كأنها صرخات أرواح محتجزة تتوسل للحرية.
بينما كان الشباب يحاولون الهروب، لم يجدوا طريقة للخروج، فالظلام كان يحجب الرؤية والهواء يثقل الأجواء. وفي هذا الفوضى المرعبة، بدأت ظواهر غريبة تحدث حولهم، كأن الواقع نفسه ينقلب رأسًا على عقب.
عندما حاول أحدهم إشعال شعلة، انطلقت النيران في جميع أنحاء القرية، ولكن لم تلمس أي شيء الطاولة الملعونة ولا حتى المنزل المهجور. وبينما كانوا يحاولون التفكير في مخرج من هذا الجحيم، بدأوا يلاحظون ظهور أشباح وأرواح مظلمة تحوم حولهم بأصوات صاخبة وأشكال مرعبة.
من بين الأشباح، ظهرت كتابات غريبة تندق على الأرض، تبدو وكأنها نداءات للنجدة أو تحذيرات من الخطر القادم. لكن لم يكن أحد يستطيع فهمها، بل زادت الفوضى والرعب في صفوف الشباب المنجرفين في هذا الكابوس المرعب.
مع مرور الوقت، بدأت الأرواح تتجمع حول الطاولة الملعونة بشكل أكثر كثافة، كما لو كانت تستعد لشيء ما. وفجأة، في لحظة من الصمت المرعب، بدأت الطاولة تهتز بشكل عنيف، كأنها تحاول أن تكسر قيود الزمان والمكان.
وفي هذه اللحظة الحرجة، توقف الزمن، وتحولت الحياة إلى صورة ثابتة كمنحوتة في عالم الظلال. الشباب، مصدومين ومرعوبين، وقفوا هناك يتأملون في الظلام المحيط بهم، في انتظار ما سيحدث بعد ذلك.
في هذا الصمت المريب، بدأت أصوات غريبة تتجلى من الظلال، صرخات وشماتة وضحكات شريرة تملأ الهواء. وفجأة، ظهرت شخصية مرعبة وسط الغموض، تتقاذف الظلال حولها وتنبثق من بينها بأشكال مرعبة.
هذه الشخصية كانت تبدو كمخلوق مرعب من الأساطير، بعيون حمراء تلتهم الضوء وجسم يتكون من ظلال داكنة تتحرك بلا هوادة. ومع ظهور هذا المخلوق، عادت الحركة للزمن، وتوقف الشباب كأنهم قد أصبحوا محاصرين في فخ لا مفر منه.
في لحظة من الغضب والفزع، أمسك المخلوق بأحدهم وألقاه على الأرض بقسوة، بينما بقي البقية يصرخون ويحاولون الفرار. لكن كل محاولاتهم كانت بائت بالفشل، حيث كانوا محاصرين بين أيدي المخلوق المرعب وظلال الليل الملتهبة.
وفي هذه اللحظة الحاسمة، قرر أحدهم القيام بمحاولة أخيرة لإنقاذ أصدقائه. بينما كان يحاول التماس الشفقة من المخلوق المرعب، لاحظ شيئًا يلمع في زاوية الغرفة المظلمة. وعندما التفت إلى تلك الزاوية، وجد نفسه ينظر إلى سلاح قديم، يعكس بريق الأمل في عينيه.
بينما كانت الحرب بين الظلام والنور تشتعل في قلوبهم، امتلأ الفارس الشجاع بالشجاعة والإيمان، ورفع السلاح باتجاه المخلوق المرعب. وبصوت يهز الأرض، صرخ الفارس بقوة وشجاعة، موجهًا ضربة القتال الحاسمة التي ستحدد مصيرهم ومصير القرية بأسرها...
النهاية